الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)
.الخاتمة في ذكر أمور تتعلق بديوان الإنشاء غير أمور الكتابة: وفيها أربع أبواب:.الباب الأول في الكلام على البريد: وفيه فصلان:.الفصل الأول في مقدمات يحتاج الكاتب إلى معرفتها: ويتعلق الغرض من ذلك بثلاثة أمور:الأمر الأول: معرفة معنى لفظ البريد لغة واصطلاحا:أما معناه لغة، فالمراد منه مسافة معلومة مقدرة باثني عشر ميلاً، واحتج له الجوهري بقول مزرد يمدح عرابة الأوسي:يريد سيرها في البريد. وقد قدره الفقهاء وعلماء المسالك والممالك بأنه أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل ثلاثة آلاف ذراع بالهاشمي، وهو أربع وعشرين أصبعاً، كل أصبع ستة شعيرات معترضات، ظهر إحداها لبطن الأخرى، والشعيرة سبع شعرات معترضات من ذنب بغل أو برذون.قال الجوهري: ويقال أيضاً على البريد: المرتب؛ يقال: حمل فلان على البريد. قال: ويطلق أيضاً على الرسول: بريد.ثم اختلف فيه فقيل: إنه عربي. وعلى هذا ذهب الخليل إلى أنه مشتق من بردت الحديد إذا أرسلت ما يخرج منه. وقيل: من أبردته إذا أرسلته. وقيل: من برد إذا ثبت، لأنه يأتي بما تستقر عليه الأخبار، يقال: اليوم يوم بارد سمومه أي ثابت.وذهب آخرون إلى أنه فارسي معرب. قال أبو السعادات بن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث: وأصله بالفارسية بريده دم، ومعناه مقصوص الذنب. وذلك أن ملوك الفرس كانت من عادتهم أنهم إذا أقاموا بغلاً في البريد قصوا ذنبه، ليكون ذلك علامة لكونه من بغال البريد. وأنشد الجوهري لامرئ القيس: الأمر الثاني: أول من وضع البريد وما آل إليه أمره إلى الآن:أما في الجاهلية، فقد ذكر في التعريف: أن البريد كان موجوداً في عهد الأكاسرة من ملوك الفرس، والقياصرة ملوك الروم. قال: ولكن لا أعرف هل كان على البريد المحرر أو كانت مقاديره متفاوتة كما هو الآن؟. ثم قال: ولا أظنه إلا على القدر المحرر، إذ كانت حكمتهم تأبى إلا ذلك.وأما في الإسلام فقد ذكر أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل: أن أول من وضعه في الإسلام معوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. قال في التعريف: وذلك حين استقرت له الخلافة ومات أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وسلم له ابنه الحسن عليه السلام، وخلا من المنازع، فوضع البريد لتسرع إليه أخبار بلاده من جميع أطرافها، فأمر بإحضار رجال من دهاقين الفرس وأهل أعمال الروم وعرفهم ما يريد، فوضعوا له البريد. قال: وقيل: إنما فعل ذلك زمن عبد الملك بن مروان حين خلا وجهه من الخوارج عليه: كعمرو بن سعيد الأشدق، وعبد الله بن الزبير، ومصعب بن الزبير، والمختار بن أبي عبيد.والذي ذكره العسكري: أن عبد الملك إنما أحكمه. وذكر عنه أنه قال لابن الدغيدغه: وليتك ما حضر بابي إلا أربعة: المؤذن، فإنه داعي الله تعالى فلا حجاب عليه، وطارق الليل، فشر ما أتى به ولو وجد خيراً لنام، والبريد، فمتى جاء من ليل أو نهار فلا تحجبه، فربما أفسد على القوم سنة حبسهم البريد ساعة، والطعام إذا أدرك، فافتح الباب وارفع الحجاب وخل بين الناس وبين الدخول. ثم قال: ويذكر هذا الكلام عن زياد أيضاً.قال في التعريف: وكان الوليد بن عبد الملك يحمل عليه الفسيفساء وهي الفص المذهب من القسطنطينية إلى دمشق، حتى صفح منه حيطان المسجد الجامع بها، ومساجد مكة والمدينة والقدس.قال: ثم لم يزل البريد قائماً، والعمل عليه دائماً، حتى آن لبناء الدولة المروانية أن ينتقض، ولحبلها أن ينتكث، فانقطع ما بين خراسان والعراق، لانصراف الوجوه إلى الشيعة القائمة بالدولة العباسية. ودام الأمر على ذلك حتى انقضت أيام مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وملك السفاح، ثم المنصور، ثم المهدي، والبريد لا يشد له سرج، ولا تلجم له دابة. ثم إن المهدي أغزى ابنه هارون الرشيد الروم، وأحب أن لا يزال على قريب من خبره، فرتب فيما بينه وبين معسكر ابنه برداً كانت تأتيه بأخباره، وتريه متجددات أيامه. فلما قفل الرشيد قطع المهدي تلك البرد؛ ودام الأمر على هذا باقي مدته ومدة خلافة موسى الهادي بعده. فلما كانت خلافة هارون الرشيد، ذكر يوماً حسن صنيع أبيه في البرد التي جعلها بينهما، فقال له يحيى ابن خالد: لو أمر أمير المؤمنين بإجراء البريد على ما كان عليه، كان صلاحاً لملكه، فأمره به، فقرره يحيى بن خالد، ورتبه على ما كان عليه أيام بني أمية، وجعل البغال في المراكز؛ وكان لا يجهز عليه إلا الخليفة أو صاحب الخبر، ثم استمر على هذا؛ فلما دخل المأمون بلاد الروم ونزل على نهر البرذون وكان الزمان حراً، والفصل صيفاً، فقعد على النهر ودلى رجليه فيه وشرب ماءه، فاستعذبه واستبرده واستطابه، وقال لمن كان معه: ما أطيب ما شرب عليه هذا الماء؟، فقال كل رجل برأيه. فقال هو: أطيب ما شرب عليه هذا الماء رطب إزاز، فقالوا له: يعيش أمير المؤمنين حتى يأتي العراق ويأكل من رطبها الإزاز، فما استتموا كلامهم حتى أقبلت بغال البريد تحمل ألطافاً فيها رطب إزاز، فأتي المأمون بها فأكل منها وأمعن وشرب من ذلك الماء، فكثر تعجب الحاضرين منه لسعادته في أنه لم يقم من مقامه حتى بلغ أمنيته، على ما كان يظن من تعذرها؛ فلم يقم المأمون من مقامه حتى حم حمى حادة كانت فيها منيته.ثم قطع بنو بويه البريد حين علوا على الخلافة وغلبوا عليها، ليخفى على الخليفة ما يكون من أخبارهم وحركاتهم أحيان قصدهم بغداد، وكان الخليفة لا يزال يأخذ بهم على بغتة.ثم جاءت ملوك السلاجقة على هذا؛ وأهم ملوك الإسلام اختلاف ذات بينهم وتنازعهم، فلم يكن بينهم إلا الرسل على الخيل والبغال، في كل أرض بحسبها.فلما جاءت الدولة الزنكية أقامت لذلك النجابة، وأعدت له النجب المنتخبة. ودام ذلك مدة زمانها ثم زمان بني أيوب إلى انقراض دولتهم. وتبعها على ذلك أوائل الدولة التركية، حتى صار الملك إلى الملك الظاهر بيبرس رحمه الله، واجتمع لم ملك مصر والشام وحلب والفرات، وأراد تجهيز دولته إلى دمشق فعين لها نائباً، ووزيراً، وقاضياً، وكاتباً للإنشاء.قال: وكان عمي الصاحب شرف الدين أبو محمد عبد الوهاب رحمه الله هو كاتب الإنشاء، فلما مثل إليه ليودعه، أوصاه وصايا كثيرة، آكدها مواصلته بالأخبار وما يتجدد من أخبار التتار والفرنج، وقال له: إن قدرت أن لا تبيتني كل ليلة إلا على خبر ولا تصبحني إلا على خبر فافعل، فعرض له بما كان عليه البريد في الزمان الأول وأيام الخلفاء، وعرضه عليه فحسن موقعة منه وأمر به. قال عمي: فكنت أنا المقرر له قدماه وبين يديه. ثم ذكر أنه لم يزل باقياً على ذلك إلى أيامه. ثم قال: وهو جناح الإسلام الذي لا يحص، وطرف قادمته التي لا تقص.قلت: ولم يزل البريد بعد ذلك مستقراً بالديار المصرية والممالك الشاملة إلى أن غشي البلاد الشامية تمرلنك صاحب ما وراء النهر، وفتح دمشق وخربها وحرقها في سنة أربع وثمانمائة، فكان ذلك سبباً لحص جناح البريد وبطلانه من سائر الممالك الشامية. ثم سرى هذا السم إلى الديار المصرية فألحقها بالهمل، ورماها بعد الحلي بالعطل، فذهبت معالم البريد من مصر والشام، وعفت آثاره، وصار إذا عرض أمر من الأمور السلطانية في بعض نواحي الديار المصرية أو الممالك الشامية، ركب البريدي على فرس له، يسير بها الهوينة سير المسافر إلى المكان الذي يريده، ثم يعود على هذه الصورة، فيحصل بواسطة ذلك الإبطاء في الذهاب والإياب.الأمر الثالث بيان معالم البريد:اعلم أنه كان فيما تقدم فيزمن الخلفاء للبريد شخص مخصوص يتولى أمره بتنفيذ ما يصدر وتلقي ما يرد، يعبر عنه بـ صاحب البريد. وممن تعرض إلى ذكر ذلك أبو جعفر النحاس في كتابة صناعة الكتاب في الكلام على أرباب الوظائف، اشتقاق أسمائهم. وقد أشار إليه الجوهري في صحاحه أيضاً فقال: ويقال أبرد صاحب البريد إلى الأمير فهو مبرد يعني أرسل إليه البريد.ثم قد تقدم في مقدمة الكتاب في الكلام على صاحب ديوان الإنشاء وماله التحدث عليه- إن صاحب ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية هو المتولي لأمر البريد وتنفيذ أموره في الإيراد والإصدار. وكان للبريد ألواح من فضة مخلدة بديوان الإنشاء تحت أمر كاتب السر بالأبواب السلطانية، منقوش على وجهي اللوح نقشاً مزدوجاً ما صورته: لا إله إلا الله محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. ضرب بالقاهرة المحروسة. وعلى الوجه الآخر ما صورته: عز لمولانا السلطان الملك الفلاني: فلان الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، فلان، ابن مولانا السلطان الشهيد الملك الفلاني فلان، خلد الله ملكه. وفي ذلك اللوح ثقب معلق به شرابه من حرير أصفر ذات بندين، يجعلها البريدي في عنقه، بإدخاله رأسه بين البندين، ويصير اللوح أمامه تحت ثيابه، والشرابة خلفه من فوق ثيابه. فإذا خرج بريدي إلى جهة من الجهات، أعطي لوحاً من تلك الألواح، يعلقه في عنقه، على ما تقدم ذكره، ويذهب إلى جهة قصده؛ فكل من رأى تلك الشرابة خلف ظهره علم أنه بريدي. وبواسطة ذلك تذعن له أرباب المراكز بتسليم خيل البريد. ولا يزال كذلك حتى يذهب ويعود، فيعيد ذلك اللوح إلى ديوان الإنشاء.وكذلك الحكم في دواوين الإنشاء بدمشق وحلب وغيرهما من الممالك الشامية؛ لا يختلف الحكم في ذلك إلا في الكتابة بمحل ضرب اللوح. فإن كان بدمشق كتب: ضرب بالشام. وإن كان بحلب كتب: ضرب بحلب المحروسة وكذلك باقي الممالك. .الفصل الثاني من الباب الأول من الخاتمة في ذكر مراكز البريد: وهي الأماكن التي تقف فيها خيل البريد لتغيير خيل البريدية فيها فرس بعد فرس. قال في التعريف: وليست على المقدار المقدر في البريد المحرر، بل هي متفاوتة الأبعاد، إذ ألجأت الضرورة إلى ذلك: تارة لبعد ماء، وتارة للأنس بقرية، حتى أنك لترى في هذه المراكز البريد الواحد بقدر بريدين. ولو كانت على التحرير الذي عليه الأعمال لما كان تفاوت. وقد ذكر منها المقر الشهابي بن فضل الله رحمه الله التعريف ما أربى في ذلك على المقصود وزاد، وهو بذلك أدرى وأدرب. وهانا أذكر ما ذكره، موضحاً لم يحتاج منه إلى التوضيح، مع الزيادة عليه وتقريب الترتيب.ويشتمل على ستة مقاصد:.المقصد الأول في مركز قلعة الجبل المحروسة بالديار المصرية: التي هي قاعدة الملك وما يتفرع عنه من المراكز وما تنتهي إليه مراكز كل جهة اعلم أن الذي يتفرع عن مركز القلعة ويتشعب منه أربع جهات، وهي: جهة قوص من الوجه القبلي وما يتصل بذلك من أسوان وما يليها من بلاد النوبة، وعيذان وما يليها من سواكن، وجهة الإسكندرية من الوجه البحري، وجهة دمياط من الوجه البحري أيضاً وما يتفرع عنها من جهة غزة من البلاد الشامية.فأما مراكز قوص وما يليها: فمن مركز قلعة الجبل المحروسة ومنها إلى مدنية الجيزة. وهي قاعدة الأعمال الجيزية، وقد تقدم الكلام عليها في الكلام على بلاد المملكة في المقالة الثانية. ثم منها إلى زاوية أم حسين، وهي قرية من عمل الجيزة. قال في التعريف: والمركز الآن بمنية القائد وهي على القرب من زاوية أم حسين المذكورة؛ ثم منها إلى ونا وهي بلدة من عمل البهنسى؛ ثم منها إلى دهروط وهي بلدة من عمل البهنسى أيضاً؛ ثم منها إلى أقلوسنا، وهي بلدة من عمل الأشمونين؛ ثم منها إلى منية بني خصيب، وهي مدينة من عمل الأشمونين، وهي قاعدة بلادها، وقد تقدم الكلام عليها في المقالة الثانية؛ ثم منها إلى ذروة سربام وهي بلدة من عمل الأشمونين على فم الخليج اليوسفي الواصل من النيل إلى الفيوم، وتعرف بذروة الشريف، إضافة إلى الشريف ناصر الدين محمد بن تغلب الذي كان عصى بها في زمن الظاهر بيبرس، وسمت نفسه إلى الملك حتى كاده الظاهر وقبض عليه وشنقه بالإسكندرية، وبها دياره وقصوره والجامع الذي أنشأه بها إلى الآن؛ ثم منها إلى مدينة منفلوط، وهي قاعدة الأعمال المنفلوطية التي هي أجل خاص السلطان؛ ثم منها إلى مدينة أسيوط وهي قاعدة الأعمال الأسيوطية، ومقر نائب الوجه القبلي الآن، وقد تقدم ذكرها في المقالة الثانية؛ ثم منها إلى طما، وهي قرية من عمل أسيوط المقدمة الذكر على ضفة النيل؛ ثم منها إلى المراغة، وهي بلدة من عمل إخميم. قال في التعريف: وربما سميت المرائغ؛ ثم منها إلى بلسبورة وهي بلده من عمل إخميم أيضاً. قال في التعريف: وربما قيل بلزبورة بإبدال السين زاياً، ثم منها إلى جرجا، وهي بلدة من العمل المذكور، ثم منها إلى البلينة، وهي بلدة من عمل قوص، ويقال فيها البلينا بإبدال الهاء ألفاً؛ ثم منها إلى هو، وهي بلدة من عمل قوص أيضاً؛ قال في التعريف: ويليها الكوم الأحمر، وهما من خاص السلطان، وعندهما ينقطع الريف في البر الغربي، ويكون الرمل المتصل بدندرى ويسمى خان دندرى، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفي في المقالة الثانية. ومنها إلى مدينة قوص قاعدة الأعمال القوصية، وقد تقدم الكلام عليها في المقالة الثانية.ثم من قوص تنقطع مراكز البريد، ويتشعب الطريق إلى جهة أسوان، وبلاد النوبة، وجهة عيذاب وسواكن.فمن أراد المسير إلى جهة أسوان ركب الهجن من قوص إلى أسوان، ثم منها إلى بلاد النوبة.ومن أراد المسير إلى عيذاب سار من قوص إلى كيمان قفط على القرب من قوص.قلت: ثم يسير في قفار وجبال، من كيمان فقط إلى ماء يسمى ليطة على مرحلة من الكيمان، به عين تنبع وليست جارية، ثم منها إلى ماء يسمى الدريح على القرب من معدن الزمرد، به عين صغيرة يستقى منها من الماء ما شاء الله، وهي لا تزيد ولا تنقص؛ ثم منها إلى حميثرة حيث قبر سيدي أبي الحسن الشاذلي، وهناك عين ماء يستقى منها؛ ثم منها إلى عيذاب، وهي قرية صغيرة على ضفة بحر القلزم في الشمال إلى الغرب، وعلى القرب منها عين يستقى منها.وتقدير جميع المسافة من الكيمان إلى عيذاب نحو عشرة أيام بسير الأثقال، على أنه في مسالك الأبصار قد ذكر أن الطريق إلى عيذاب من شعبة على القرب من أسوان، ثم يسير منها في بلاد عرب يسمون بني عامر إلى سواكن، وهي قرية حاضرة البحر صاحبها من العرب، وكتب السلطان تنتهي إليه، على ما تقدم ذكره في الكلام على المكاتبات.وأما الإسكندرية فالمراكز الموصلة بها في طريقين: الطريق الأولى: الآخذة على الجبل الغربي ويسمى طريق الحاجر. والمسير فيها من مركز القلعة المقدم ذكره إلى مدينة الجيزية؛ ثم منها إلى جزيرة القط، وهي قرية من آخر عمل الجيزة من الجهة البحرية؛ ثم منها إلى وردان، وهي قرية من عمل البحيرة. ثم منها إلى الطرانة؛ ثم منها إلى طيلاس وهي بلدة من عمل البحيرة أيضاً وتعرف بزاوية مبارك. قال في التعريف: وأهل تلك البلاد يقولون: انبارك. ثم منها إلى مدينة دمنهور وتعرف بدمنهور الوحش، وهي قاعدة أعمال البحيرة، ومحل مقام نائب السلطنة بالوجه البحري، وقد تقدم الكلام عليها في المقالة الثانية، ثم منها إلى لوقين وهي قرية من عمل البحيرة؛ ثم منها إلى الإسكندرية.الطريق الثانية: الآخذة في وسط العمران، وتعرف بالوسطى.وهي من مركز القلعة إلى مدينة قليوب قاعدة الأعمال القليوبية، وقد تقدم الكلام عليها في المقالة الثانية، ثم منها إلى مدينة منوف العليا، وهي قاعدة الأعمال المنوفية، وقد تقدم الكلام عليها في المقالة الثانية، ثم منها إلى مدينة المحلة المعروفة بالمحلة الكبرى، وهي قاعدة الأعمال الغربية، وقد تقدم الكلام عليها في المقالة الثانية. وقد وهم في التعريف فسماها محلة المرحوم بلدة من بلاد الغربية غيرها، ثم منها إلى النحريرية، وهي مدينة من عمل الغربية، ثم منها إلى الإسكندرية.وأما الطريق إلى دمياط وغزة، فمن مركز القلعة إلى سرياقوس، وهي بلدة من ضواحي القاهرة، وليس المركز في نفس البلد، بل بالقرية المستجدة بجوار الخانقاه الناصرية التي أنشأها السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون على القرب من سرياقوس. قال في التعريف: وكان قبل هذا بالعش، وكان طويل المدى في مكان منقطع، وكانت البريدية لا تزال تتشكى منه، فصلح بنقله، وحصل به الرفق لأمور لم يكن منها إلا قربه من الأسواق المجاورة للخانقاة الناصرية وما يوجد فيها، وأنسة بما حولها لكفى، ثم منها إلى بئر البيضاء، وهي مركز بريد منفرد ليس حوله ساكنون، ثم منها إلى مدينة بلبيس قاعدة الأعمال الشرقية، وقد تقدم الكلام عليها في المقالة الثانية. قال في التعريف: وهي آخر المراكز السلطانية، وهي التي تشتري خيلها من الأموال السلطانية ويقام لها السواس وتصرف لها العلوفات، ثم منها إلى السعيدية، ثم من السعيدية إلى أشموم الرمان قاعدة بلاد الدقهلية المرتاحية، وقد تقدم ذكرها في المقالة الثانية، ومنها إلى دمياط ومن أراد غزة. وقد تقدم أن مدينة بليبس هي آخر المراكز السلطانية. ثم السعيدية وما بعدها إلى الخروبة تعرف بالشهارة، خيل البريد بها مقررة على عربان ذوي إقطاعات، عليهم خيول موظفة يحضر بها أربابها عند هلال كل شهر إلى المركز؛ وتسعيدها في آخر الشهر ويأتي غيرها، ومن هناك سميت الشهارة، قال في التعريف: وعليهم وال من قبل السلطان يستعرض في رأس كل شهر خيل أصحاب النوبة ويدوغها بالداغ السلطاني. قال: وما دامت تستجد فهي قائمة، ومتى اكترى أهل نوبة ممن قبلهم فسدت المراكز، لأن الشهر لا يهل وفي خيل المنسلخ قوة، لا سيما والعرب قليلة العلف.وأول هذه المراكز السعيدية المقدم ذكرها، ثم منها إلى الخطارة، ثم منها إلى قبر الوايلي. قالفي التعريف: وقد استجد به ابنيه وأسواق وبساتين حتى صار كأنه قرية، ثم منها إلى الصالحية، وهي قرية لطيفة. قال في التعريف: وهي آخر معمور الديار المصرية، ثم منها إلى بئر عفرى، وإلى هذا المركز يجلب الماء من بئر ورائه، ومنها إلى القصير، قال في التعريف وقد كان كريم الدين وكيل الخاص بنى بها خاناً ومسجداً ومئذنة، وعمل ساقية فتهدم ذلك كله، ولم يوجد لم من يجدده وبقيت المئذنة خاصة، ورتب بها زيت للتنوير. قال: وهذا القصير يقارب المركز القديم المعروف بعاقولة المقارب لقنطرة الجسر الجاري تحتها فواضل ماء النيل أو أن زيادته وإذا خرج إلى الرمل، ثم منها إلى حبوة. قال في التعريف: وليس بها ماء ولا بناء، وإنما هي موقف يقف به خيل العرب الشهارة، ويجلب الماء إليها من بئر وراءها، ثم منها إلى الغرابي، ثم منها إلى قطيا، وهي قرية صغيرة بها تؤخذ المرتبات السلطانية من التجار الواردين إلى مصر والصادرين عنها، وهناك رمل بالطريق يختم في الليل ويحفظ ما حوله بالعربان، حتى لا يمر أحد ليلاً. فيكون من القاهرة إلى قطيا اثنا عشر بريداً، ثم منها إلى صبيحة نخلة معن. قال في التعريف: ومن الناس من يقتصر على إحدى هذه الكلمات في تسميتها؛ ثم منها إلى المطيلب؛ ثم منها إلى السوادة. قال في التعريف: وقد حولت عن مكانها فصار المسافر لا يحتاج إلى تعريف إليها، ثم منها إلى الورادة، قال في التعريف: وهي قرية صغيرة بها مسجد على قارعة الطريق، بناه الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون تغمده الله برحمته، حصل به الرفق بمبيت السفارة به. قال: وقد كان فخر الدين كاتب المماليك بنى إلى جانبه خاناً فبيع بعده، ثم منها إلى بئر القاضي. قال في التعريف: والمدى بينهما بعيد جداً يمله السالك، ومنها العريش. قال في التعريف: وقد أ؛ سن كريم الدين رحمه الله بعمل ساقيه سبيل به وبناء خان حصين فيه يأوي إليه من الجاه المساء، وينام فيه آمناً من طوارق الفنجر، ثم منها إلى الخروبة، وبها ساقية وخان بناهما فخر الديين كاتب المماليك، حصل به من الرفق والأمن ما بالعريش. قال في التعريف: وهذا آخر مراكز العرب الشهارة، ثم مما يليها خليل السلطان ذوات الإصطبلات والخدم تشترى بمال السلطان وتعلف منه، وأولها الزعقة، ثم منها إلى رفح، ثم منها إلى السلقة. قال في التعريف: وكان قبل هذا المركز ببئر طرنطاية حيث الجميز يسمى سطر. قال: وكان في نقله إلى السلقة المصلحة، ثم منها إلى الداروم، ثم منها إلى غزة. يكون من قطيا إلى غزة أحد عشر مركزاً.
|